الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
وتبقي هذه اللمحات الكونية في كتاب الله- في اتساع دلالاتها مع الزمن في تكامل لا يعرف التضاد- مصدقة لقول الحق تبارك وتعالى: {ولتعلمن نبأه بعد حين} (ص: 88).ولقوله (عز من قائل):{لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون} (الأنعام: 67).ولقوله (سبحانه): {سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتي يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه علي كل شيء شهيد} (فصلت: 53).وتبقي أيضا تصديقا لنبوءة المصطفي صلى الله عليه وسلم في وصفه للقرآن الكريم بأنه لا يخلق علي كثرة الترداد، ولا تنقضي عجائبه. اهـ.
والواقِعَةُ لا تُقال إِلاَّ في الشّدة والمكروه.وأَكثر ما جاءَ في القرآن من لفظ وَقَعَ جاءَ في العذاب والشدائد، نحو: {إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} أي القيامة.ووُقوع القول: حُصُول مُتضمَّنِه، قال تعالى: {وَوَقَعَ الْقول عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ} أي وجب العذاب الذي وُعِدُوا لظلمهم، وقوله تعالى: {فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلىَ اللَّهِ} استعمالُ لفظ على مع الوقوع هاهنا تأكيد للوُجوب كاستعمال: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنينَ}.وقوله: {فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ} عبارةٌ عن مُبادَرَتِهم إِلى السُجود.والوَقْعَةُ في الحَرْب: صَدْمَةٌ بعد صَدْمة والاسمُ الوَقِيعَة والواقِعَة ووقائع العَرَب أَيّامها التي كانت فيها حُروبهم والواقِعَة: النازِلَة من شدائد الدّهر ومَواقِعُ الغَيْث: مُساقِطَه، وفى الحديث: «يُوشِكُ أَن يكون خَيْرُ مالِ المُسْلم غَنَمًا يَتْبَعُ بها شَعَفَ الجِبال ومَواقِعَ القَطْر، يَفِرّ بدِينه مِن الفِتَن» والوَقْع وبكسر القاف: السّحاب الرّقيق وبالتحريك: الحِجارَةُ والحَفاءُ، وقد وَقِعَ كَفَرِحَ ورجلٌ وَقَّاعٌ ووَقَّاعَةٌ: يَغْتابُ النَّاسَ كثيرًا وأَوْقَعَ بالقوم: بالَغَ في قِتالهم والرّوضة: أَمسكت الماءَ وطريقٌ مُوَقَّع: مُذَلَّل، ورجُلٌ مُوقَّع: أَصابته البَلايا ووَقعَ القَوْمُ: عَرَّسُوا قال ذو الرّمة: والاسْتِيقاع: تخوُّف ما يَقَع به، وهو شبه التَوَقُّع.والوِقاعُ والمواقَعَةُ: المُحاربة، قال القطامىّ: وقال: وواقع المرأَة: خالطها وباضَعها.وتوقَّعه: انتظر كَوْنَه. اهـ.
يقول: إذا عدّ نفره- أي قومه- لم يعدّ معهم، كأنه قال: قاتله اللّه، أماته اللّه.وكذلك قولهم: هوت أمّه، وهبلته، وثكلته.قال كعب بن سعد الغنوي: ومن ذلك الجزاء عن الفعل بمثل لفظه والمعنيان مختلفان:نحو قول اللّه تعالى: {إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ} [البقرة: 14، 15]، أي يجازيهم جزاء الاستهزاء.وكذلك: {سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: 79]، {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ} [آل عمران: 54]، {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} [الشورى: 40]، هي من المبتدئ سيئة، ومن اللّه، جل وعز، جزاء.وقوله: {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194].فالعدوان الأول: ظلم، والثاني: جزاء، والجزاء لا يكون ظلما، وإن كان لفظه كلفظ الأول.ومنه قول النبي صلّى اللّه عليه وسلم: «اللهم إنّ فلانا هجاني، وهو يعلم أني لست بشاعر، اللهم والعنه عدد ما هجاني، أو مكان ما هجاني»، أي جازه جزاء الهجاء.وكذلك قوله: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: 67].ومنه أن يأتي الكلام على مذهب الاستفهام وهو تقرير:كقوله سبحانه: {أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ} [المائدة: 116]، {وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى (17)} [طه: 17]، {وماذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 65]، {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ} [الأنبياء: 42].ومنه أن يأتي على مذهب الاستفهام وهو تعجب:كقوله: {عَمَّ يَتَساءَلُونَ (1) عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2)} [النبأ: 1، 2]، كأنه قال: عمّ يتساءلون يا محمد؟ ثم قال: عن النبأ العظيم يتساءلون.وقوله: {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12)} [المرسلات: 12] على التعجب، ثم قال: {لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13)} [المرسلات: 13] أجّلت.وأن يأتي على مذهب الاستفهام وهو توبيخ:كقوله: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ (165)} [الشعراء: 165].ومنه أن يأتي الكلام على لفظ الأمر وهو تهديد:كقوله: {اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} [فصلت: 40].وأن يأتي على لفظ الأمر وهو تأديب:كقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2]، {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ}[النساء: 34].وعلى لفظ الأمر وهو إباحة:كقوله: {فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33]، {فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10].وعلى لفظ الأمر وهو فرض:كقوله: {وَاتَّقُوا اللَّهَ} [البقرة: 282]، {وأَقِيمُوا الصَّلاةَ} [الأنعام: 72]، و{وَآتُوا الزَّكاةَ} [البقرة: 43].ومنه عام يراد به خاص:كقوله سبحانه حكاية عن النبي، صلّى اللّه عليه وسلم: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: 163]، وحكاية عن موسى: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 143] ولم يرد كل المسلمين والمؤمنين، لأن الأنبياء قبلهما كانوا مؤمنين ومسلمين، وإنما أراد مؤمني زمانه ومسلميه.وكقوله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ (33)} [آل عمران: 33]، ولم يصطفهم على، محمد صلّى اللّه عليه وسلم، ولا أممهم على أمّته، ألا تراه يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} [آل عمران: 110]، وإنما أراد عالمي أزمنتهم.وكقوله سبحانه: {قالتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا} [الحجرات: 14]، وإنما قاله فريق من الأعراب.وقوله: {وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ (224)} [الشعراء: 224] ولم يرد كل الشعراء.ومنه قوله سبحانه: {الَّذِينَ قال لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} [آل عمران: 173]، وإنما قاله نعيم بن مسعود لأصحاب محمد، صلّى اللّه عليه وسلم {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ}، يعني: أبا سفيان، وعيينة بن حصن، ومالك بن عوف.وقوله: {وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} [الذاريات: 56]، يريد المؤمنين منهم. يدلك على ذلك قوله في موضع آخر: {وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} [الأعراف: 179]، أي خلقنا.وقوله: {يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحًا} [المؤمنون: 51]، يريد النبي، صلّى اللّه عليه وسلم، وحده.ومنه جمع يراد به واحد واثنان:كقوله: {وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما طائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2]: واحد واثنان فما فوق.وقال قتادة في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ} [التوبة: 66]: كان رجل من القوم لا يمالئهم على أقاويلهم في النبي صلّى اللّه عليه وسلم، ويسير مجانبا لهم، فسماه اللّه طائفة وهو واحد.وكان قتادة يقول في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ} [الحجرات: 4]: هو رجل واحد ناداه: يا محمد، إنّ مدحي زين، وإنّ شتمي شين، فخرج إليه النبي، صلّى اللّه عليه وسلم؛ فقال: «و يلك، ذاك اللّه جل وعز...» ونزلت الآية.وقوله سبحانه: {فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11]، أي أخوان فصاعدا.قوله سبحانه: {وَأَلْقَى الْأَلْواحَ} [الأعراف: 150]، جاء في التفسير: أنهما لوحان.وقوله: {إِنْ تَتُوبا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما} [التحريم: 4]، وهما قلبان.وقوله: {أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقولونَ} [النور: 26]، يعني عائشة وصفوان بن المعطّل.وقال: {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 35]، وهو واحد، يدلك على ذلك قوله: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} [النمل: 37].ومنه واحد يراد به جميع:كقوله: {هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ} [الحجر: 68]، وقوله: {إنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ}.[الشعراء: 16]. وقوله: {نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} [الحج: 5].وقوله: {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [البقرة: 285] والتفريق لا يكون إلا بين اثنين فصاعدا.وقوله: {فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ (47)} [الحاقة: 47].والعرب تقول: فلان كثير الدرهم والدينار، يريدون الدراهم والدنانير.وقال الشاعر: وقال اللّه عز وجل: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ} [المنافقون: 4]، أي الأعداء، {وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69]، أي رفقاء.وقال الشاعر: ومنه أن تصف الجميع صفة الواحد:نحو قوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]. وقوله: {وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ} [التحريم: 4].وتقول: قوم عدل. قال زهير: وقال الشاعر: وقال آخر: ومنه أن يوصف الواحد بالجمع:نحو قولهم: برمة أعشار وثوب أهدام وأسمال، ونعل أسماط، أي غير مطبقة.قال الشاعر:
|